{
176 - 177
}
{
وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ
يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي
الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ
بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
}
كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على الخلق، مجتهدا في هدايتهم، وكان يحزن
إذا لم يهتدوا، قال الله تعالى: {
ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر
}
من شدة رغبتهم فيه، وحرصهم عليه {
إنهم لن يضروا الله شيئا
}
فالله ناصر دينه، ومؤيد رسوله، ومنفذ أمره من دونهم، فلا تبالهم ولا تحفل بهم،
إنما يضرون ويسعون في ضرر أنفسهم، بفوات الإيمان في الدنيا، وحصول العذاب
الأليم في الأخرى، من هوانهم على الله وسقوطهم من عينه، وإرادته أن لا يجعل لهم
نصيبا في الآخرة من ثوابه. خذلهم فلم يوفقهم لما وفق له أولياءه ومن أراد به
خيرا، عدلا منه وحكمة، لعلمه بأنهم غير زاكين على الهدى، ولا قابلين للرشاد،
لفساد أخلاقهم وسوء قصدهم.
ثم أخبر أن الذين اختاروا الكفر على الإيمان، ورغبوا فيه رغبة من بذل ما يحب من
المال، في شراء ما يحب من السلع {
لن يضروا الله شيئا
}
بل ضرر فعلهم يعود على أنفسهم، ولهذا قال: {
ولهم عذاب أليم
}
وكيف يضرون الله شيئا، وهم قد زهدوا أشد الزهد في الإيمان، ورغبوا كل الرغبة
بالكفر بالرحمن؟! فالله غني عنهم، وقد قيض لدينه من عباده الأبرار الأزكياء
سواهم، وأعد له -ممن ارتضاه لنصرته- أهل البصائر والعقول، وذوي الألباب من
الرجال الفحول، قال الله تعالى: {
قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون
للأذقان سجدا
}
الآيات.
{
178
}
{
وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ
لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ
عَذَابٌ مُهِينٌ
}
أي: ولا يظن الذين كفروا بربهم ونابذوا دينه، وحاربوا رسوله أن تركنا إياهم في
هذه الدنيا، وعدم استئصالنا لهم، وإملاءنا لهم خير لأنفسهم، ومحبة منا لهم.
كلا، ليس الأمر كما زعموا، وإنما ذلك لشر يريده الله بهم، وزيادة عذاب وعقوبة
إلى عذابهم، ولهذا قال: {
إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين
}
فالله تعالى يملي للظالم، حتى يزداد طغيانه، ويترادف كفرانه، حتى إذا أخذه
أخذه أخذ عزيز مقتدر، فليحذر الظالمون من الإمهال، ولا يظنوا أن يفوتوا الكبير
المتعال.
{
179
}
{
مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى
يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى
الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا
بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
}
أي: ما كان في حكمة الله أن يترك المؤمنين على ما أنتم عليه من الاختلاط وعدم
التميز حتى يميز الخبيث من الطيب، والمؤمن من المنافق، والصادق من الكاذب.
ولم يكن في حكمته أيضا أن يطلع عباده على الغيب الذي يعلمه من عباده، فاقتضت
حكمته الباهرة أن يبتلي عباده، ويفتنهم بما به يتميز الخبيث من الطيب، من أنواع
الابتلاء والامتحان، فأرسل [الله] رسله، وأمر بطاعتهم، والانقياد لهم، والإيمان
بهم، ووعدهم على الإيمان والتقوى الأجر العظيم.
فانقسم الناس بحسب اتباعهم للرسل قسمين: مطيعين وعاصين، ومؤمنين ومنافقين،
ومسلمين وكافرين، ليرتب على ذلك الثواب والعقاب، وليظهر عدله وفضله، وحكمته
لخلقه.
{
180
}
{
وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
}
أي: ولا يظن الذين يبخلون، أي: يمنعون ما عندهم مما آتاهم الله من فضله، من
المال والجاه والعلم، وغير ذلك مما منحهم الله، وأحسن إليهم به، وأمرهم ببذل ما
لا يضرهم منه لعباده، فبخلوا بذلك، وأمسكوه، وضنوا به على عباد الله، وظنوا أنه
خير لهم، بل هو شر لهم، في دينهم ودنياهم، وعاجلهم وآجلهم {
سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة
}
أي: يجعل ما بخلوا به طوقا في أعناقهم، يعذبون به كما ورد في الحديث الصحيح،
"إن البخيل يمثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع، له زبيبتان، يأخذ بلهزمتيه
يقول: أنا مالك، أنا كنزك" وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداق ذلك، هذه
الآية.
فهؤلاء حسبوا أن بخلهم نافعهم، ومجد عليهم، فانقلب عليهم الأمر، وصار من أعظم
مضارهم، وسبب عقابهم.
{
ولله ميراث السماوات والأرض
}
أي: هو تعالى مالك الملك، وترد جميع الأملاك إلى مالكها، وينقلب العباد من
الدنيا ما معهم درهم ولا دينار، ولا غير ذلك من المال.
قال تعالى: {
إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون
}
وتأمل كيف ذكر السبب الابتدائي والسبب الغائي، الموجب كل واحد منهما أن لا يبخل
العبد بما أعطاه الله.
أخبر أولا: أن الذي عنده وفي يده فضل من الله ونعمة، ليس ملكا للعبد، بل لولا
فضل الله عليه وإحسانه، لم يصل إليه منه شيء، فمنعه لذلك منع لفضل الله
وإحسانه؛ ولأن إحسانه موجب للإحسان إلى عبيده كما قال تعالى: {
وأحسن كما أحسن الله إليك
}
فمن تحقق أن ما بيده، فضل من الله، لم يمنع الفضل الذي لا يضره، بل ينفعه في
قلبه وماله، وزيادة إيمانه، وحفظه من الآفات.
ثم ذكر ثانيا: أن هذا الذي بيد العباد كلها ترجع إلى الله، ويرثها تعالى، وهو
خير الوارثين، فلا معنى للبخل بشيء هو زائل عنك منتقل إلى غيرك.
ثم ذكر ثالثا: السبب الجزائي، فقال: {
والله بما تعملون خبير
}
فإذا كان خبيرا بأعمالكم جميعها -ويستلزم ذلك الجزاء الحسن على الخيرات،
والعقوبات على الشر- لم يتخلف من في قلبه مثقال ذرة من إيمان عن الإنفاق الذي
يجزى به الثواب، ولا يرضى بالإمساك الذي به العقاب.
{
181 - 182
}
{
لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ
وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ
بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ
أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ
}
يخبر تعالى، عن قول هؤلاء المتمردين، الذين قالوا أقبح المقالة وأشنعها،
وأسمجها، فأخبر أنه قد سمع ما قالوه وأنه سيكتبه ويحفظه، مع أفعالهم الشنيعة،
وهو: قتلهم الأنبياء الناصحين، وأنه سيعاقبهم على ذلك أشد العقوبة، وأنه يقال
لهم -بدل قولهم إن الله فقير ونحن أغنياء- {
ذوقوا عذاب الحريق
}
المحرق النافذ من البدن إلى الأفئدة، وأن عذابهم ليس ظلما من الله لهم، فإنه {
ليس بظلام للعبيد
}
فإنه منزه عن ذلك، وإنما ذلك بما قدمت أيديهم من المخازي والقبائح، التي أوجبت
استحقاقهم العذاب، وحرمانهم الثواب.
وقد ذكر المفسرون أن هذه الآية نزلت في قوم من اليهود، تكلموا بذلك، وذكروا
منهم "فنحاص بن عازوراء" من رؤساء علماء اليهود في المدينة، وأنه لما سمع قول
الله تعالى: {
من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا
}
{
وأقرضوا الله قرضا حسنا
}
قال: -على وجه التكبر والتجرهم- هذه المقالة قبحه الله، فذكرها الله عنهم،
وأخبر أنه ليس ببدع من شنائعهم، بل قد سبق لهم من الشنائع ما هو نظير ذلك، وهو:
{
قتلهم الأنبياء بغير حق
}
هذا القيد يراد به، أنهم تجرأوا على قتلهم مع علمهم بشناعته، لا جهلا وضلالا،
بل تمردا وعنادا.
{
183 - 184
}
{
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ
حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ
رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ
قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ
رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ
الْمُنِيرِ
}
يخبر تعالى عن حال هؤلاء المفترين القائلين: {
إن الله عهد إلينا
}
أي: تقدم إلينا وأوصى، {
ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار
}
فجمعوا بين الكذب على الله، وحصر آية الرسل بما قالوه، من هذا الإفك المبين،
وأنهم إن لم يؤمنوا برسول لم يأتهم بقربان تأكله النار، فهم -في ذلك- مطيعون
لربهم، ملتزمون عهده، وقد علم أن كل رسول يرسله الله، يؤيده من الآيات
والبراهين، ما على مثله آمن البشر، ولم يقصرها على ما قالوه، ومع هذا فقد قالوا
إفكا لم يلتزموه، وباطلا لم يعملوا به، ولهذا أمر الله رسوله أن يقول لهم: {
قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات
}
الدالات على صدقهم {
وبالذي قلتم
}
بأن أتاكم بقربان تأكله النار {
فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين
}
أي: في دعواهم الإيمان برسول يأتي بقربان تأكله النار، فقد تبين بهذا كذبهم،
وعنادهم وتناقضهم.
ثم سلَّى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: {
فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك
}
أي: هذه عادة الظالمين، ودأبهم الكفر بالله، وتكذيب رسل الله وليس تكذيبهم لرسل
الله، عن قصور ما أتوا به، أو عدم تبين حجة، بل قد {
جاءوا بالبينات
}
أي: الحجج العقلية، والبراهين النقلية، {
والزبر
}
أي: الكتب المزبورة المنزلة من السماء، التي لا يمكن أن يأتي بها غير الرسل.
{
والكتاب المنير
}
للأحكام الشرعية، وبيان ما اشتملت عليه من المحاسن العقلية، ومنير أيضا للأخبار
الصادقة، فإذا كان هذا عادتهم في عدم الإيمان بالرسل، الذين هذا وصفهم، فلا
يحزنك أمرهم، ولا يهمنك شأنهم.
ثم قال تعالى: {
185
}
{
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ
فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
}
هذه الآية الكريمة فيها التزهيد في الدنيا بفنائها وعدم بقائها، وأنها متاع
الغرور، تفتن بزخرفها، وتخدع بغرورها، وتغر بمحاسنها، ثم هي منتقلة، ومنتقل
عنها إلى دار القرار، التي توفى فيها النفوس ما عملت في هذه الدار، من خير وشر.
{
فمن زحزح
}
أي: أخرج، {
عن النار وأدخل الجنة فقد فاز
}
أي: حصل له الفوز العظيم من العذاب الأليم، والوصول إلى جنات النعيم، التي فيها
ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ومفهوم الآية، أن من لم يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فإنه لم يفز، بل قد شقي
الشقاء الأبدي، وابتلي بالعذاب السرمدي.
وفي هذه الآية إشارة لطيفة إلى نعيم البرزخ وعذابه، وأن العاملين يجزون فيه بعض
الجزاء مما عملوه، ويقدم لهم أنموذج مما أسلفوه، يفهم هذا من قوله: {
وإنما توفون أجوركم يوم القيامة
}
أي: توفية الأعمال التامة، إنما يكون يوم القيامة، وأما ما دون ذلك فيكون في
البرزخ، بل قد يكون قبل ذلك في الدنيا كقوله تعالى: {
ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر
}
{
186
}
{
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا
أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ
الْأُمُورِ
}
يخبر تعالى ويخاطب المؤمنين أنهم سيبتلون في أموالهم من النفقات الواجبة
والمستحبة، ومن التعريض لإتلافها في سبيل الله، وفي أنفسهم من التكليف بأعباء
التكاليف الثقيلة على كثير من الناس، كالجهاد في سبيل الله، والتعرض فيه للتعب
والقتل والأسر والجراح، وكالأمراض التي تصيبه في نفسه، أو فيمن يحب.
{
ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، ومن الذين أشركوا أذى كثيرا
}
من الطعن فيكم، وفي دينكم وكتابكم ورسولكم.
وفي إخباره لعباده المؤمنين بذلك، عدة فوائد:
منها: أن حكمته تعالى تقتضي ذلك، ليتميز المؤمن الصادق من غيره.
ومنها: أنه تعالى يقدر عليهم هذه الأمور، لما يريده بهم من الخير ليعلي
درجاتهم، ويكفر من سيئاتهم، وليزداد بذلك إيمانهم، ويتم به إيقانهم، فإنه إذا
أخبرهم بذلك ووقع كما أخبر {
قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا إيمانا
وتسليما
}
ومنها: أنه أخبرهم بذلك لتتوطن نفوسهم على وقوع ذلك، والصبر عليه إذا وقع؛
لأنهم قد استعدوا لوقوعه، فيهون عليهم حمله، وتخف عليهم مؤنته، ويلجأون إلى
الصبر والتقوى، ولهذا قال: {
وإن تصبروا وتتقوا
}
أي: إن تصبروا على ما نالكم في أموالكم وأنفسكم، من الابتلاء والامتحان وعلى
أذية الظالمين، وتتقوا الله في ذلك الصبر بأن تنووا به وجه الله والتقرب إليه،
ولم تتعدوا في صبركم الحد الشرعي من الصبر في موضع لا يحل لكم فيه الاحتمال، بل
وظيفتكم فيه الانتقام من أعداء الله.
{
فإن ذلك من عزم الأمور
}
أي: من الأمور التي يعزم عليها، وينافس فيها، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم
والهمم العالية كما قال تعالى: {
وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم
}
{
187 - 188
}
{
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ
لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا
بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ * لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا
فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
}
الميثاق هو العهد الثقيل المؤكد، وهذا الميثاق أخذه الله تعالى على كل من أعطاه
[الله] الكتب وعلمه العلم، أن يبين للناس ما يحتاجون إليه مما علمه الله، ولا
يكتمهم ذلك، ويبخل عليهم به، خصوصا إذا سألوه، أو وقع ما يوجب ذلك، فإن كل من
عنده علم يجب عليه في تلك الحال أن يبينه، ويوضح الحق من الباطل.
فأما الموفقون، فقاموا بهذا أتم القيام، وعلموا الناس مما علمهم الله، ابتغاء
مرضاة ربهم، وشفقة على الخلق، وخوفا من إثم الكتمان.
وأما الذين أوتوا الكتاب، من اليهود والنصارى ومن شابههم، فنبذوا هذه العهود
والمواثيق وراء ظهورهم، فلم يعبأوا بها، فكتموا الحق، وأظهروا الباطل، تجرؤا
على محارم الله، وتهاونا بحقوق الله، وحقوق الخلق، واشتروا بذلك الكتمان ثمنا
قليلا، وهو ما يحصل لهم إن حصل من بعض الرياسات، والأموال الحقيرة، من سفلتهم
المتبعين أهواءهم، المقدمين شهواتهم على الحق، {
فبئس ما يشترون
}
لأنه أخس العوض، والذي رغبوا عنه -وهو بيان الحق، الذي فيه السعادة الأبدية،
والمصالح الدينية والدنيوية- أعظم المطالب وأجلها، فلم يختاروا الدنيء الخسيس
ويتركوا العالي النفيس، إلا لسوء حظهم وهوانهم، وكونهم لا يصلحون لغير ما خلقوا
له.
ثم قال تعالى: {
لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا
}
أي: من القبائح والباطل القولي والفعلي.
{
ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا
}
أي: بالخير الذي لم يفعلوه، والحق الذي لم يقولوه، فجمعوا بين فعل الشر وقوله،
والفرح بذلك ومحبة أن يحمدوا على فعل الخير الذي ما فعلوه.
{
فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب
}
أي: بمحل نجوة منه وسلامة، بل قد استحقوه، وسيصيرون إليه، ولهذا قال: {
ولهم عذاب أليم
}
ويدخل في هذه الآية الكريمة أهل الكتاب الذين فرحوا بما عندهم من العلم، ولم
ينقادوا للرسول، وزعموا أنهم هم المحقون في حالهم ومقالهم، وكذلك كل من ابتدع
بدعة قولية أو فعلية، وفرح بها، ودعا إليها، وزعم أنه محق وغيره مبطل، كما هو
الواقع من أهل البدع.
ودلت الآية بمفهومها على أن من أحب أن يحمد ويثنى عليه بما فعله من الخير
واتباع الحق، إذا لم يكن قصده بذلك الرياء والسمعة، أنه غير مذموم، بل هذا من
الأمور المطلوبة، التي أخبر الله أنه يجزي بها المحسنين له الأعمال والأقوال،
وأنه جازى بها خواص خلقه، وسألوها منه، كما قال إبراهيم عليه السلام: {
واجعل لي لسان صدق في الآخرين
}
وقال: {
سلام على نوح في العالمين، إنا كذلك نجزي المحسنين
}
وقد قال عباد الرحمن: {
واجعلنا للمتقين إماما
}
وهي من نعم الباري على عبده، ومننه التي تحتاج إلى الشكر.
{
189
}
{
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ
}
أي: هو المالك للسماوات والأرض وما فيهما، من سائر أصناف الخلق، المتصرف فيهم
بكمال القدرة، وبديع الصنعة، فلا يمتنع عليه منهم أحد، ولا يعجزه أحد.
{
190 - 194
}
{
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ
قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ
فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ
أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا
سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ
فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا
وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى
رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ
الْمِيعَادَ
}
يخبر تعالى: {
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب
}
وفي ضمن ذلك حث العباد على التفكر فيها، والتبصر بآياتها، وتدبر خلقها، وأبهم
قوله: {
آيات
}
ولم يقل: "على المطلب الفلاني" إشارة لكثرتها وعمومها، وذلك لأن فيها من الآيات
العجيبة ما يبهر الناظرين، ويقنع المتفكرين، ويجذب أفئدة الصادقين، وينبه
العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية، فأما تفصيل ما اشتملت عليه، فلا يمكن
لمخلوق أن يحصره، ويحيط ببعضه، وفي الجملة فما فيها من العظمة والسعة، وانتظام
السير والحركة، يدل على عظمة خالقها، وعظمة سلطانه وشمول قدرته. وما فيها من
الإحكام والإتقان، وبديع الصنع، ولطائف الفعل، يدل على حكمة الله ووضعه الأشياء
مواضعها، وسعة علمه. وما فيها من المنافع للخلق، يدل على سعة رحمة الله، وعموم
فضله، وشمول بره، ووجوب شكره.
وكل ذلك يدل على تعلق القلب بخالقها ومبدعها، وبذل الجهد في مرضاته، وأن لا
يشرك به سواه، ممن لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
وخص الله بالآيات أولي الألباب، وهم أهل العقول؛ لأنهم هم المنتفعون بها،
الناظرون إليها بعقولهم لا بأبصارهم.
ثم وصف أولي الألباب بأنهم {
يذكرون الله
}
في جميع أحوالهم: {
قياما وقعودا وعلى جنوبهم
}
وهذا يشمل جميع أنواع الذكر بالقول والقلب، ويدخل في ذلك الصلاة قائما، فإن لم
يستطع فقاعدا، فإن لم يستطع فعلى جنب، وأنهم {
يتفكرون في خلق السماوات والأرض
}
أي: ليستدلوا بها على المقصود منها، ودل هذا على أن التفكر عبادة من صفات
أولياء الله العارفين، فإذا تفكروا بها، عرفوا أن الله لم يخلقها عبثا،
فيقولون: {
ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك
}
عن كل ما لا يليق بجلالك، بل خلقتها بالحق وللحق، مشتملة على الحق.
{
فقنا عذاب النار
}
بأن تعصمنا من السيئات، وتوفقنا للأعمال الصالحات، لننال بذلك النجاة من النار.
ويتضمن ذلك سؤال الجنة، لأنهم إذا وقاهم الله عذاب النار حصلت لهم الجنة، ولكن
لما قام الخوف بقلوبهم، دعوا الله بأهم الأمور عندهم، {
ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته
}
أي: لحصوله على السخط من الله، ومن ملائكته، وأوليائه، ووقوع الفضيحة التي لا
نجاة منها، ولا منقذ منها، ولهذا قال: {
وما للظالمين من أنصار
}
ينقذونهم من عذابه، وفيه دلالة على أنهم دخلوها بظلمهم.
{
ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان
}
وهو محمد صلى الله عليه وسلم، أي: يدعو الناس إليه، ويرغبهم فيه، في أصوله
وفروعه.
{
فآمنا
}
أي: أجبناه مبادرة، وسارعنا إليه، وفي هذا إخبار منهم بمنة الله عليهم، وتبجح
بنعمته، وتوسل إليه بذلك، أن يغفر ذنوبهم ويكفر سيئاتهم، لأن الحسنات يذهبن
السيئات، والذي من عليهم بالإيمان، سيمن عليهم بالأمان التام.
{
وتوفنا مع الأبرار
}
يتضمن هذا الدعاء التوفيق لفعل الخير، وترك الشر، الذي به يكون العبد من
الأبرار، والاستمرار عليه، والثبات إلى الممات.
ولما ذكروا توفيق الله إياهم للإيمان، وتوسلهم به إلى تمام النعمة، سألوه
الثواب على ذلك، وأن ينجز لهم ما وعدهم به على ألسنة رسله من النصر، والظهور في
الدنيا، ومن الفوز برضوان الله وجنته في الآخرة، فإنه تعالى لا يخلف الميعاد،
فأجاب الله دعاءهم، وقبل تضرعهم، فلهذا قال:
{ 195 } { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ
مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ
هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا
وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ }
أي: أجاب الله دعاءهم، دعاء العبادة، ودعاء الطلب، وقال: إني لا أضيع عمل عامل
منكم من ذكر وأنثى، فالجميع سيلقون ثواب أعمالهم كاملا موفرا،
{ بعضكم من بعض }
أي: كلكم على حد سواء في الثواب والعقاب،
{ فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا }
فجمعوا بين الإيمان والهجرة، ومفارقة المحبوبات من الأوطان والأموال، طلبا
لمرضاة ربهم، وجاهدوا في سبيل الله.
{ لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله
}
الذي يعطي عبده الثواب الجزيل على العمل القليل.
{ والله عنده حسن الثواب }
مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فمن أراد ذلك، فليطلبه من
الله بطاعته والتقرب إليه، بما يقدر عليه العبد.
{ 196 - 198 } { لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ
* مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ
الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ
اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ }
وهذه الآية المقصود منها التسلية عما يحصل للذين كفروا من متاع الدنيا، وتنعمهم
فيها، وتقلبهم في البلاد بأنواع التجارات والمكاسب واللذات، وأنواع العز،
والغلبة في بعض الأوقات، فإن هذا كله
{ متاع قليل }
ليس له ثبوت ولا بقاء، بل يتمتعون به قليلا، ويعذبون عليه طويلا، هذه أعلى حالة
تكون للكافر، وقد رأيت ما تؤول إليه.
وأما المتقون لربهم، المؤمنون به- فمع ما يحصل لهم من عز الدنيا ونعيمها
{ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها }
فلو قدر أنهم في دار الدنيا، قد حصل لهم كل بؤس وشدة، وعناء ومشقة، لكان هذا
بالنسبة إلى النعيم المقيم، والعيش السليم، والسرور والحبور، والبهجة نزرا
يسيرا، ومنحة في صورة محنة، ولهذا قال تعالى:
{ وما عند الله خير للأبرار }
وهم الذين برت قلوبهم، فبرت أقوالهم وأفعالهم، فأثابهم البر الرحيم من بره أجرا
عظيما، وعطاء جسيما، وفوزا دائما.
{ 199 - 200 } { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا
يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ
عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ }
أي: وإن من أهل الكتاب طائفة موفقة للخير، يؤمنون بالله، ويؤمنون بما أنزل
إليكم وما أنزل إليهم، وهذا الإيمان النافع لا كمن يؤمن ببعض الرسل والكتب،
ويكفر ببعض.
ولهذا -لما كان إيمانهم عاما حقيقيا- صار نافعا، فأحدث لهم خشية الله، وخضوعهم
لجلاله الموجب للانقياد لأوامره ونواهيه، والوقوف عند حدوده.
وهؤلاء أهل الكتاب والعلم على الحقيقة، كما قال تعالى:
{ إنما يخشى الله من عباده العلماء }
ومن تمام خشيتهم لله، أنهم
{ لا يشترون بآيات الله ثمنًا قليلا }
فلا يقدمون الدنيا على الدين كما فعل أهل الانحراف الذين يكتمون ما أنزل الله
ويشترون به ثمنا قليلا، وأما هؤلاء فعرفوا الأمر على الحقيقة، وعلموا أن من
أعظم الخسران، الرضا بالدون عن الدين، والوقوف مع بعض حظوظ النفس السفلية، وترك
الحق الذي هو: أكبر حظ وفوز في الدنيا والآخرة، فآثروا الحق وبينوه، ودعوا
إليه، وحذروا عن الباطل، فأثابهم الله على ذلك بأن وعدهم الأجر الجزيل، والثواب
الجميل، وأخبرهم بقربه، وأنه سريع الحساب، فلا يستبطؤون ما وعدهم الله، لأن ما
هو آت محقق حصوله، فهو قريب.
ثم حض المؤمنين على ما يوصلهم إلى الفلاح - وهو: الفوز والسعادة والنجاح، وأن
الطريق الموصل إلى ذلك لزوم الصبر، الذي هو حبس النفس على ما تكرهه، من ترك
المعاصي، ومن الصبر على المصائب، وعلى الأوامر الثقيلة على النفوس، فأمرهم
بالصبر على جميع ذلك.
والمصابرة أي الملازمة والاستمرار على ذلك، على الدوام، ومقاومة الأعداء في
جميع الأحوال.
والمرابطة: وهي لزوم المحل الذي يخاف من وصول العدو منه، وأن يراقبوا أعداءهم،
ويمنعوهم من الوصول إلى مقاصدهم، لعلهم يفلحون: يفوزون بالمحبوب الديني
والدنيوي والأخروي، وينجون من المكروه كذلك.
فعلم من هذا أنه لا سبيل إلى الفلاح بدون الصبر والمصابرة والمرابطة المذكورات،
فلم يفلح من أفلح إلا بها، ولم يفت أحدا الفلاح إلا بالإخلال بها أو ببعضها.
والله الموفق ولا حول ولا قوة إلا به.
تم تفسير "سورة آل عمران" والحمد لله على نعمته، ونسأله تمام النعمة.